فى الوقت الذى تتجه فيه الدولة نحو ميكنة الخدمات الحكومية وتقليل التعامل الورقى والمستندى التقليدى، بهدف تطبيق الحكومة الإلكترونية التى تقدم جميع خدماتها بشكل رقمى عبر وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة، لتصبح حكومة ذكية يأتى نظام الميكنة بالموانئ ضرورة حتمية فى ظل تداعيات منافسة الموانئ المجاورة وهجرة الخطوط الملاحية إليها .
ويسمح الربط الآلى بتوفير العديد من البيانات المتعلقة بالسفن والبضائع بصورة لحظية ودقيقة لمتخذى القرار، ولدعم عمليات التشغيل، ويحقق سرعة ودقة إصدار الفواتير المستحقة لهيئات الموانئ، مما يعظم من حصيلة الإيرادات ويدعم موقف مطالبة التوكيلات الملاحية لمستحقاتها من الخطوط الملاحية العالمية .
«المال» أجرت جولة سريعة لبحث الموقف الحالى للربط الإلكترونى داخل الموانئ المحلية، وكذلك موقف الشركات العاملة، وأوصى العاملون بالقطاع البحرى بضرورة التحول للربط الإلكترونى مع الموانئ المجاورة بما يساعد على تحقيق التكامل بين الخطوط .
قال أشرف رمزى، مدير تطوير الأعمال بشركة الحلول المتكاملة إن قطاع النقل البحرى أسند لشركته مهمة تطوير أداء بنك معلومات قطاع النقل البحرى المصرى كجزء من المشروع الشامل لميكنة وزارة النقل إلا أن القطاع اعترض على حجم تكلفة المشروع، وطالب بخفض التكلفة حتى تتم الموافقة عليه .
وأضاف أن الحلول المتكاملة تدرس الاختيار بين عدة بدائل بما يتيح تنفيذ الميكنة بتكلفة أقل وفقا لموازنة وزارة النقل، لافتا إلى أن المشروع يستهدف تطوير أداء بنك المعلومات لكى يفى بالاحتياجات المتزايدة لتوفير البيانات، الخاصة بصناعة النقل البحرى المصرى لمتخذى القرار، والمشاركين والمهتمين بها، وكذلك لمواكبة التطور التكنولوجى السريع فى المجال وذلك بإدخال برامج تكنولوجية حديثة .
وأوضح رمزى أن الشركة انتهت من تنفيذ العديد من المشروعات المتعلقة بتطوير الموانئ المصرية من خلال ميكنة الإجراءات والعمليات مثل موانئ الإسكندرية ودمياط وسفاجا ونويبع والغردقة وبورتوفيق والزيتيات، وشرم الشيخ التابعة لوزارة النقل لتصبح البنية الأساسية جاهزة للربط الإلكترونى بين جميع الموانئ .
وذكر أن الشركة قامت بميكنة ميناء الأدبية التابع للهيئة الاقتصادية لقناة السويس قبل نقل تبعيته لها، لافتا إلى أن باقى الموانئ التابعة للهيئة لم يتم ميكنتها حتى الآن ودون سبب واضح رغم أهميتها وبدء العمل فيها بنظام الفاتورة الموحدة، لافتا إلى أن الشركة تقوم بعمليات الإضافة والتحسين لجميع الموانئ التى قامت بميكنتها بشكل مستمر بحيث يتواكب مع التطورات الجديدة .
وطالب رمزى وزارة النقل والهيئة الاقتصادية بالاستعانة بشركات الميكنة المحلية، بدلا من التعاقد مع شركات أجنبية تتقاضى أجورها بالعملة الصعبة، لافتا إلى أن شركته نجحت فى تطوير برنامج إلكترونى معلوماتى مميز (سوفت وير) وقامت بتطبيقه فى بعض الدول العربية .
وقال محسن المزاحى، مدير قطاع التشغيل بشركة بورسعيد، لتداول الحاويات والبضائع أن الشركة تكفلت بتجهيز شبكة إلكترونية على نفقتها الخاصة، وتم توصيلها إلى الجمارك لإحكام الرقابة على عمليات تشغيل الحاويات وتيسيير إجراءات الكشف والإفراج وتم توصيلها لإدارة تكنولوجيا المعلومات لكن مصلحة الجمارك لم تستغلها بالشكل الكامل ومازالت تعتمد على الإجراءات اليدوية فى العديد من الإجراءات .
وأشار المزاحى إلى أن هيئة موانئ بورسعيد لم تقم حتى الآن بإعداد شبكة تمهيدا للربط الإلكترونى وتطبيق ميكنة الخدمات والشباك الواحد فى الموانئ، رغم توافر الاعتمادات المالية من الهيئة الاقتصادية .
وقال إن التأخر فى إعداد المنظومة الإلكترونية سيؤدى لعرقلة منظومة العمل مرجعاً ذلك لعدم اكتمال المنظومة التكنولوجية للجمارك بشكل نهائى مع الجهات العاملة داخل موانئ بورسعيد، لافتا إلى أن المجمع الجمركى المطور لم يتم ربطة حتى الآن مع شركة الحاويات ومع هيئة الصادرات والواردات .
وأشار هانى النادى مدير قطاع العلاقات العامة والحكومية بشركة قناة السويس للحاويات، المشغل الرئيسى لمحطة حاويات شرق بورسعيد، إلى أن شركته وقعت مؤخرا اتفاقية بالتعاون مع الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية بقناة السويس لمد كابلات الألياف الضوئية مع الشركة المصرية للاتصالات لتحقيق الربط بين شرق وغرب قناة السويس بتوفير خدمات الإنترنت فائق السرعة مما يدعم الموقف التنافسى للشركة والمنطقة بشكل عام وشرق بورسعيد بشكل خاص .
ولفت إلى أن شركته حريصة على إحداث التوافق مع استراتيجية الدولة التى تهدف إلى التحول الرقمى وزيادة الاعتماد على التكنولوجيات الجديدة الأمر الذى ينعكس بشكل إيجابى على الخدمات المقدمة، ويسهم فى النهاية فى زيادة فاعلية الاقتصاد القومى وتحقيق رؤية الدولة للتنمية المستدامة 2030 .
وتعتبر تكنولوجيا الألياف الضوئية من أحدث الوسائل التى يتجه إليها العالم المتقدم فى الوقت الحالى نظرًا لقدرتها الفائقة على نقل إشارات الإنترنت والاتصالات فى أوقات قياسية وبأحجام ضخمة من البيانات .
يذكر أن الشركة المصرية للاتصالات تتولى حاليا تطبيق خطة إحلال الكابلات النحاسية بالألياف الضوئية بكافة أنحاء الجمهورية، لافتًا إلى أن هذا الأمر يحقق العديد من الفوائد المباشرة وغير المباشرة من أهمها زيادة جاذبية الدولة للاستثمار الأجنبى المباشر الذى يعتبر جاهزية البنية التحتية أحد أهم العوامل التى تعكس تشجيع الدولة للاستثمار .
وقال أحمد كامل، مدير قطاع التسويق بشركة دمياط لتداول الحاويات، إن ميناء دمياط من الموانئ انفردت بمشروع الميكنة والربط الآلى وسبقت الكثير من الموانئ ومنذ أيام بدأ الميناء فى تنفيذ استخدام تكنولوجيا التوقيع الإلكترونى وإلغاء التعامل مع طلبات التراكى الورقية واعتماد طلبات التراكى الآلية للسفن لأول مرة، من خلال الموقع الإلكترونى للخدمات الآلية، وذلك فى إطار تفعيل التحول الرقمى فى المعاملات المينائية .
وقامت الهيئة بتدريب مندوبى التوكيلات الملاحية والعاملين بالإدارة المركزية للحركة والمناطق على إرسال واستقبال الطلبات الخاصة بالتراكى آليًا ومراجعتها والتأكد من صحة التوقيع الإلكترونى .
وقال هشام عيسى، نائب رئيس هيئة موانئ، البحر الأحمر، إن الهيئة انتهت مؤخرا من إعداد البنية التحتية الخاصة بمشروع الميكنة والربط الآلى تمهيدا لتطبيقها وفقا لخطة وزارة النقل لميكنة الموانئ وإصدار فاتورة شاملة وموحدة لكل ميناء تيسييرا على الشركات الملاحية .
وتنتظر الهيئة قيام إحدى الشركات الحكومية من بدء تنفيذ إجراءات الربط الآلى خلال الأسابيع القادمة لتوريد نظام السوفت وير لبدء العمل بنظام الشباك الواحد بالموانئ مما يساعد العميل على إنهاء جميع الإجراءات المالية والجمركية عبر تلك المنظومة والحصول على فاتورة رسوم موحدة للخدمات التى تقدمها الميناء للوكيل الملاحى، لافتا إلى أن الربط سيبدأ بميناء نويبع .
وكشف غريب نصير المستشار القانونى لشركة كوسكودوم للملاحة، أن قانون التوقيع الإلكترونى رقم 15 لسنة 2004 لايطبق فى مصر، مطالبا الحكومة المصرية بوضع الإطار التنظيمى والغطاء التشريعى الذى يسمح باعتماد وتوثيق البيانات الإلكترونية بما يتيح الاستغناء عن تبادل البيانات والمستندات بصورتها الورقية الحالية بين الجهات العاملة بالموانئ والمتعاملين، والتى تتم حالياً فى كثير من المعاملات جنبا إلى جنب مع البيانات الإلكترونية، مما يسمح بالانتقال لمرحلة تطبيق الشباك الواحد، فى التعاملات المينائية، وأوضح نصير أن هيئات الموانئ المستفيد الأكبر من وجود هذه البنية المعلوماتية .
وأشار إلى أن نظم الميكنة بالموانئ المصرية تتطلب لتطبيقها التعامل بالمستندات والوثائق الإلكترونية، وأهمها سند الشحن، وباقى المستندات البحرية والجمركية وهو يحتاج فقط لإصدار لائحه لتنظيمه والعمل به بما يسمح بتبادل المعلومات إلكترونيا، والاعتراف بالوثائق والمستندات، عبر البريد الإلكترونى، ويحتاج أيضا إلى إقرار خطوات تنفيذية داخلية داخل الجهات الحكومية .
وأكد عادل اللمعى، رئيس غرفة ملاحة بورسعيد، أن الربط البحرى بين الموانئ المصرية يجب ألا يقتصر على الموانئ المحلية فقط بل يمتد للخارج، مضيفا أن الربط مع الموانئ العربية والإفريقية بدأ يأخذ خطواته إلى النور، وقد سبقه العديد من الجهود المتواصلة لأعضاء غرف الملاحة المصرية، خاصة بورسعيد فى المسارعة بتوقيع العديد من بروتوكولات التعاون ومذكرات التفاهم بين الموانئ المصرية والموانئ العربية مثل سوريا والسعودية إلا أنها لم تجد طريقها للتفعيل إما بسبب العقبات السياسية أو الاقتصادية .
وذكر اللمعى أن أعمال الميكنة بالموانئ لابد أن يصاحبها تطبيق نظام التتبع الإلكترونى للشاحنات أثناء تواجدها على الطرق الدولية سواء البحرية أو البرية وتشجيع سفن الروافد لنقل الحاويات بين الموانئ المصرية والعربية .
وأضاف أن الجميع مطالب بالتعجيل بإنشاء بنك معلومات عربى بحرى لتوفير المعلومات وسهولة تحقيق التكامل بين الموانئ المصرية والعربية والإفريقية التى تعتبر الهدف الأول من مشروع الميكنة الإلكترونية والربط الآلى ووضع تيسييرات جمركية وإصدار مواصفات قياسية دولية للشاحنات العربية وكذا تطوير شبكة الطرق والاهتمام بتدريب السائقين المصريين والعرب وتوفير محطة لتموين الشاحنات التلاجة بالوقود وتيسير إصدار تأثيرات الدخول للحاصلين على شهادة سير دولية .
ويرى محمد نجيب سكرتير عام غرفة ملاحة بورسعيـد أن الربط البحرى تأخر كثيرا فى ظل تداعيات المنافسة من الموانئ المجاورة فالموانئ المحلية فى حاجة إلى تطوير جذرى ويجب أن تتحول للمفهوم اللوجيسـتي؛ لأنها مازالت تمثل الجيل الثـانى ولن يتأتى ذلك إلا بالنهوض بالإدارة وتحديثها وفق النظم العالمية وإدخال المنظومة الإلكترونية وتحقيق صناعات القيمة المضافة مثل تصنيع المنتجات وإعادة تعبئتها وتوزيعها أيضا لابد من تدعيم إنشاء خطوط ملاحية تربط الموانئ المصرية بالموانئ العربية .
وأشار المهندس فؤاد ثابت رئيس الاتحاد العام لجمعيات التنمية الاقتصادية أن مشروع ميكنة الموانى والربط الآلى وتطوير بنك معلومات وزارة النقل يعتبر بداية لتفعيل السوق العربية المشتركة ويؤدى إلى رواج حركة التجارة البينية بين مصر والدول العربية والأجنبية مما يؤدى إلى إنشاء مخازن وثلاجات فى الموانئ العربية واستغلالها لإمداد أوروبا بالسـلع فى الوقت الذى تحتاج إليه .
وقال إن من أبرز نتائج الميكنة الإلكترونية والربط الآلى تطوير منظومة الشحن والتداول التى تؤدى إلى تشجيع الصناعة البحرية ودعم صناعة السـفن وتطويرها.
نقلا عن جريدة المال بتاريخ الأحد 20 يناير 2019