قالت وكالة أنباء “بلومبرج”، إن روسيا تريد أن تجعل مياهها عبر القطب الشمالى أكثر جاذبية لسفن الشحن من قناة السويس لدرجة أنها مستعدة للدفع للسفن مقابل المخاطر المحتملة، لكى تُنجح هذا الأمر.
وجعل الرئيس فلاديمير بوتين تطوير مياه القطب الشمالى أولوية لروسيا على المدى البعيد وبدأت المشروعات الضخمة لشحن الغاز الطبيعى المسال عبر طريق بحر الشمال تغرى بالفعل المستثمرين فوق الدائرة القطبية الشمالية، ولكن شركات شحن المنتجات الأخرى لاتزال مترددة للتحول عن قناة السويس إلى القطب الشمالي بسبب المخاطر المتعددة.
ويتطلب توصيل الشحنة عبر طريق بحر الشمال اليوم أن يكون لدى شركة الشحن سفينة بمواصفات خاصة لتبحر فى مياه متجمدة أو سفينة مزودة بكاسر للجليد وأن تدفع تكاليف تأمين ضعف ما تدفعه للشحن عبر قناة السويس، وفقاً لنائب وزير تنمية الشرق الأقصى والقطب الشمالى الروسى، أليكساندر كروتيكوف”.
وتعمل وزارته مع شركة الأبحاث الروسية “سولكوفو”، على مشروع لتأسيس شركة حكومية لتشغيل سفن الحاويات، وسوف تغطى الشركة أى تكلفة لأى مخاطر مرتبطة بنقل الشحنات الدولية عبر المياه المتجمدة للقطب الشمالى، بما فى ذلك تأخر التسليم المحتمل ومدفوعات التأمين الأعلى.
وقال كروتيكوف، في مقابلة مع الوكالة الأمريكية، إن الحكومة تدفع مقابل مخاطر الإبحار فى القطب الشمالى وتتكفل شركات الشحن بالتكاليف الأخرى، موضحاً ان التكلفة الإجمالية فى النهاية ينبغى أن تكون أرخص من الشحن عبر قناة السويس على الأقل فى المرحلة الأولى لترويج الطريق.
وإذا تم تطبيق هذه الفكرة، فإن الشركة الروسية الحكومية سوف تكون مسئولة عن نقل الشحنات عبر طريق بحر الشمال الذي يمتد لمسافة 3 آلاف ميل بحرى من بحر بانتس على الحدود الروسية مع النرويج ومضيق بيرينج بالقرب من آلاسكا.
وقال كروتيكوف، إن السفن من الموانئ الأوروبية والآسيوية يمكن أن تبحر حتى بحر بانتس ثم تتحمل شركة تشغيل السفن الروسية مسئولية نقل الشحنة، مضيفاً أن ذلك سوف يخفض بحدة تكاليف النقل، لأن الشركات الأجنبية لن تحتاج سفن مخصصة للإبحار فى المياه المتجمدة، خاصة أن روسيا سوف تجعل أسعار نقل البضائع من السفينة إلى سفنهم تنافسية.
ووفقاً لدراسة قام بها توماس كيسكى، مدير أبحاث فى جامعة تيركو الفنلندية، فى 2014، فإن نقل وحدة تعادل 20 قدم، وهو مقياس معيارى لسفن الحاويات، عبر بحر الشمال سوف يكون أعلى تكلفة من قناة السويس بنسبة 36%.
قام كيسكى بإجراء العمليات الحسابية من خلال مقارنة التكاليف التقريبية لسفينة الحاويات الكبيرة جداً التى تقوم برحلة من روتردام – سنغافورة – شنغهاي – بوسان – يوكوهاما – روتردام عبر قناة السويس مع تكاليف سفينة بانامكس الأصغر بكثير التى تقوم بنفس الرحلة عبر طريق البحر الشمالى.
ويمثل إجمالى الشحنات التى تمر عبر بحر الشمال اليوم نسبة ضئيلة جداً من إجمالى الشحنات العالمية، وكان أغلب الـ20.2 مليون طن من الشحنات التي مرت عبر هذا الطريق العام الماضي من الغاز الطبيعي المسال لمحطة “يافال” المملوكة لشركة “نوفاتك” الروسية، وبترول خام من “جازبروم”، وتستهدف روسيا زيادة الشحنات عبر هذا الطريق إلى 80 مليون طن بحلول 2024.
ولكى تتمكن روسيا من تحقيق هذا الهدف يتعين عليها التعامل مع أحوال بيئية صعبة للغاية، وفى الوقت الحاضر، من المستحيل الإبحار عبر طريق بحر الشمال إلا خلال 4 أشهر فقط في السنة، وفى بقية الشهور تغطى المياه طبقة كثيفة من الثلج، وتنخفض الحرارة إلى 40 درجة تحت الصفر، وهو ما يتطلب استخدام سفن لتكسير الثلج عالية التكلفة ومع ذلك لن يكون تسليم الشحنات آمن تماماً.
وقال الرئيس الروسى، فلاديمير بوتين، فى منتدى القطب الشمالى أبريل الماضى، إن الهدف جعل طريق البحر الشمالى آمناً واقتصادياً لشركات الشحن وجذابا من حيث الجودة والسعر”.
ولايزال مشروع تأسيس شركة لتشغيل سفن الحاويات فى مهده، وتتوقع وزارة الشرق الأقصى والقطب الشمالى أن تنتهى شركة الأبحاث “سكولكوفو” من بحث بشأن التكاليف المحتملة للبنية التحتية والميزانية بنهاية العام الجارى، وسوف يتم مناقشة النتائج وتحديثتها خلال 6 أشهر أخرى، ثم يجب تقديم قرار نهائى بشأن جدوى المشروع للقيادة الروسية.
نقلا عن جريدة البورصة بتاريخ الثلاثاء 22 أكتوبر 2019